الفروق الفردية في الذكاء

الفروق الفردية في الذكاء :
تظهر الفروق الفردية بشكل واضح في النواحي العقلية المعرفية، وهي التي تشمل ما وراء السلوك من عمليات عقلية وقدرات يعتمد عليها الفرد في كسب لخبرة والمعرفة .
وتشمل العمليات العقلية كل ما يتصل بالإحساس والإدراك والتصور والتخيل والتذكر والتفكير والتعلم. أي كل نشاط عقلي يؤدي إلى تلقي المؤثرات من البيئة ، والاستجابة لهذه المؤثرات . ويختلف الأفراد في هذه العمليات العقلية بما يؤدي إلى اختلافهم في الاستفادة من المؤثرات المحيطة بهم .فضعف الإدراك وضعف التفكير يؤدي إلى السطحية في المعلومات .أما القدرة على تركيز الانتباه وإدراك التفاصيل والتفكير الجيد ،فتؤدي إلى الثقافة العميقة واتساع الأفق الفكري .وتظهر أهمية اختلاف الأفراد في القدرة على التعلم عند الالتحاق بالمدارس حيث يتضح التفاوت بينهم في القدرة على متابعة الدراسة بنجاح بحسب تفوقهم أو ضعفهم في هذه العمليات العقلية التي تعتبر أساس التعلم واكتساب الخبرة .
أما القدرات العقلية فيقصد بها الاستعدادات والمواهب التي يولد بها الشخص، وكذلك القدرات التي يكتسبها بالمران والتعلم ، وتشمل القدرات الموروثة ، الذكاء العام، والاستعدادات الخاصة. كما تشمل القدرات المكتسبة ، المهارات والثقافة المكتسبة بالتعلم والتي تتكون نتيجة التفاعل مع البيئة .
إن المعلم في القسم يلاحظ الاختلافات الذهنية الكثيرة بين التلاميذ، فبعضهم يحسن الاستفادة من الخبرات والمعلومات السابقة ،أكثر من غيره ، والبعض الآخر أقوى ذاكرة ،والبعض له القدرة على الفهم والتفكير والاستنتاج الخ . كما يستطيع المعلم أن يلاحظ مدى التفاوت في الاستعدادات والقدرات العقلية ، وخاصة في السنتين الخامسة والسادسة الابتدائيتين إلى غاية مستوى التعليم الثانوي ، فهذا تلميذ ماهر فيحل المسائل الحسابية بسرعة وإتقان ،وتلميذ آخر بارع في التعبير وكتابة المواضيع الإنشائية ،بينما الآخر يجيد القراءة والأناشيد بصوت جميل وحسن الأداء ..الخ .
هذه الاختلافات بين التلاميذ تفرض على المعلم أن يحاول فهم كل تلميذ على حدة،حتى يمكنه أن يهيئ لكل فرد فرص النمو التي تناسبه ، كما انه يتجنب معاملة الجميع معاملة واحدة وألا ينتظر أن يصل الكل إلى مستوى واحد ،كما أن قدرتهم في المكتسبات السابقة والاحتفاظ بها وتذكرها تختلف من تلميذ إلى آخر ،وعليه فالمدرس الناجح هو الذي يفترض في كل درس يقدمه بان التلاميذ لا يعرفون أي شيء حتى يعمل على تبسيط المفاهيم إلى درجة تجعل الجميع يستفيد من الدرس .
الذكاء والوراثة :
دلت الدراسات النفسية على أن الذكاء استعداد يرثه الفرد عن أبويه وأجداده، ولذلك فان سمة الذكاء تلازم الشخص طول حياته ، وتعتبر من الصفات الثابتة نسبيا في شخصية الفرد .وليس معنى هذا أن البيئة لا تؤثر في الذكاء بل إن للبيئة أثرها الذي يظهر في كيفية استخدام القدر الموروث من الذكاء ـ أي أن البيئة لا يمكن أن تزيد من كمية الذكاء الموروث، ولكن يمكن أن تساعد على حسن استغلال القدر الموجود من الذكاء .
وحدة قياس الذكاء :
يظهر الفرق بين الشخص الذكي والشخص الغبي في القدرة على حل المشكلات وعلى التصرف في المواقف الجديدة . ويظهر اثر الذكاء في السرعة والابتكار ، وتركيز الطاقة والتغلب على الصعوبات ،ونظرا لأهمية عامل الذكاء في الأفراد ،وجهت عناية كبيرة لقياس الذكاء . وتوجد الآن أنواع كثيرة من الاختبارات التي يقاس بها العمر العقلي للشخص ،وهو المستوى الذي يناظر متوسط العمر في مرحلة معينة بالقياس إلى غالبية الأفراد المتوسطين في ذلك العمر ، وبمقارنة العمر العقلي بالعمر الزمني للفرد نستنتج نسبة الذكاء ، وذلك بقسمة العمر العقلي على العمر الزمني وضرب الناتج في مائة أي أن :

نسبة الذكاء = ــــــ × 100

مثال : أوجد نسبة ذكاء ثلاثة تلاميذ العمر العقلي لكل منهم 8 سنوات بينما يبلغ العمر الزمني للأول 16 سنة والثاني 8 سنوات والثالث 5 سنوات .
باستخدام المعادلة السابقة يمكننا حساب نسب الذكاء للتلاميذ الثلاثة بالطريقة الآتية :
نسبة ذكاء التلميذ الأول = ـــ × 100= 50 وهي تدل على الضعف العقلي

نسبة ذكاء التلميذ الثاني = ـــ × 100 = 100 وهذه تدل على الذكاء العادي
نسبة ذكاء التلميذ الثالث = ــ × 100 = 160 وهذه تدل على العبقرية
من خلال هذه الأمثلة السابقة يمكن تحديد مراتب الذكاء كآلاتي :
من تزيد نسبة ذكائه على 140 يعد عبقريا
من تكون نسبة ذكائه من 120 إلى 140 يعد ذكيا جدا
من تكون نسبة ذكائه من 110 إلى 120 يعد فوق المتوسط
من تكون نسبة ذكائه من 90 إلى 110 يعد متوسط الذكاء
من تكون نسبة ذكائه من 80 إلى 90 يعد دون المتوسط
من تكون نسبة ذكائه من 70 إلى 80 يعد غبيا جدا
من تكون نسبة ذكائه اقل من 70 فهو ضعيف العقل أو متخلف عقليا
فمن كانت نسبة ذكائه من 50 الى70 فهو مورون( عمر عقلي بين 8 ،10 سنوات )
فمن كانت نسبة ذكائه من 25 إلى 50 فهو ابله (عمر عقلي بين 3،7 سنوات )
وان كانت نسبة ذكائه اقل من 25 فهو معتوه (عمر عقلي سنتين )
توزيع الذكاء :
دلت البحوث والدراسات الإحصائية على أن توزيع الذكاء عند الأفراد ، يتبع بصفة عامة المنحنى الاعتيادي ، حيث نجد الأغلبية من العاديين في الذكاء في وسط المنحنى ، والأقلية من العباقرة في طرف ، وأقلية من ضعاف العقول في الطرف الآخر .وبين هذين الطرفين نجد مستويات متدرجة من الذكاء كما يتضح من التوزيع الآتي Sad

الشكل 1)

يمثل المنحى في (الشكل 1) توزيع نسب الذكاء في مجموعة كبيرة جدا من الأفراد.ومما يلاحظ في هذا التوزيع أن نصف المجموعة ( 50 في المائة) متوسط الذكاء ، أي تتراوح نسب ذكائهم بين 90 ، 110، وأن عددا ضئيلا من المجموعة ينخفض ذكاؤهم عن 60 ، ثم يزداد هذا العدد بصورة تدريجية حتى يبلغ نهايته العظمى عند نسبة 100، تم يتناقص بعد ذلك بصورة تدريجية أيضا وعلى نفس النحو الذي ازداد به حتى يصل إلى نهايته العظمى عند نسبة 140. وبعبارة أخرى فالشطر الأكبر من المجموعة متوسط الذكاء ، في حين أن النوابغ وضعاف العقول أقل المجموعة عددا .وينطبق ذلك على سائر الصفات الإنسانية ،(كالطول أو الوزن أو حدة البصر ، أو قوّة القبضة باليد ،أو القدرة اللغوية ، أو القدرة على تذكر الأرقام ، أم خلقية كالصدق أو الأمانة ، أو مزاجية كالاتزان الانفعالي ، أو القدرة على تحمل الشدائد ، أم اجتماعية كالتعاون أو الانطواء على النفس ..الخ ) .
ويسمى هذا المنحنى ( منحنى التوزيع الطبيعي ) أو ( المنحنى الاعتدالي )،وهو توزيع متصل يمثل جميع نسب الذكاء من أصغرها إلى أكبرها دون أن تتخلله ثغرات ، أي انه يمثل الذكاء في مختلف درجاته ومستوياته .وهذا على خلاف ما يراه الإنسان العادي الذي يميل بطبعه إلى رؤية الأمور من أطرافها فقط : فإما ذكاء أو غباء ، واما طول أو قصر ، واما بياض أو سواد ، واما صحة أو مرض ، ولا شيء بين الطرفين .
التعلم والذكاء :
يعتقد أن هناك علاقة بين ذكاء الفرد وقدرته على التعلم ،ولقد تأكد هذا الاعتقاد عن طريق اختبارات الذكاء ، حيث وجد أن أولئك الذين يكملون تعليمهم إلى المرحلة الجامعية يكون متوسط نسب ذكائهم التي حصلوا عليه في المدارس الابتدائية أعلى من متوسط نسب ذكاء أولئك الذين يتسربون أو يتركون التعليم في نهاية المرحلة الثانوية ،ونسبة ذكاء المجموعة الأخيرة تكون أعلى من نسب ذكاء أولئك الذين يتركون المدرسة في نهاية المرحلة المتوسطة .مع العلم بان جميع هذه النسب قد تم الحصول عليها خلال المرحلة الابتدائية .
كما أن هناك العديد من الداسات التي تؤكد أن هناك علاقة ارتباط موجبة فيما بين ذكاء الأبناء ومتوسط عدد السنوات الدراسية التي قضاها الأباء في الدراسة .وتفسير ذلك هو انه :
ـ لا يستمر في التعلم إلا الأفراد الأكثر ذكاء ولذلك يكون أمثال هؤلاء الآباء اكثر ذكاء من الناحية الوراثية ، ولذلك يكون أبناؤهم اكثر ذكاء ممن لا يستمرون في التعلم ،إذ أن الأفراد الأقل ذكاء يزداد احتمال تركهم للتعلم، وبذلك يزداد احتمال أن يكون أبناؤهم اقل ذكاء .
ـ يزيد المستوى التعليمي من قدرة الأباء على تربية أبنائهم، وبذلك يزداد احتمال مساعدتهم لأبنائهم في التقدم في المدرسة ، كما أن البيئة التي ينتشر فيها الجو الثقافي الجيد لمثل هؤلاء الأباء تعمل على إتمام العملية التربوية التي تهدف إليها المدرسة .
أما في حالة الأباء من المستويات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا ، والذين لم يحصلوا قدرا كافيا من التعليم ، فقد لا تتوفر لديهم تلك الفرصة لانشغالهم بمشاكلهم الاقتصادية ولعدم قدرتهم على مساعدة أبنائهم دراسيا .
الفروق الذهنية بين الجنسين :
عندما قورنت متوسطات درجات كل من الجنسين من حيث القدرة الذهنية العامة أو الذكاء في عدد من الدراسات التجريبية ، لم تلاحظ إلا فروق طفيفة بالنسبة إلى تفوق أي من الجنسين .لكن لوحظ في نفس الوقت انه كلما صعدنا إلى النسب العليا من درجات الذكاء ، كان الذكور هم الذين يحصلون في الغالب على نسب الذكاء المرتفعة . وقد يرجع ذلك إلى الظروف الاجتماعية المحيطة بتنشئة كل من البنين والبنات .
أما من حيث الاستعدادات الذهنية الخاصة فقد لوحظ وجود بعض الفروق البارزة بين الجنسين ومن أمثلة ذلك :التفوق البسيط لدى الإناث في ميادين الذاكرة والانتباه إلى التفاصيل . كما ظهر هذا التفوق بوضوح في مجال اللغة واللغات الأجنبية .
أما الذكور فقد ظهر تفوقهم في الاختبارات المتعلقة بالاستنتاج المنطقي والاستعدادات الميكانيكية .

السلام عليكم
موضوع ولا اروع
بارك الله فيك على الموضوع الاكثر من رائع
مميز من عضو مميز
أتمنى أن تواصل هكذا و أن لا تحرمنا من مواضيعك القيمة