أسباب الفروق الفردية :
عندما يعجز تلميذ من تلاميذ القسم عن حل المسائل الحسابية ، بينما نجد معظم التلاميذ يصلون إلى الحلول في الوقت المناسب ، فان المعلم يتساءل عن السبب الذي يجعل هذا التلميذ متخلفا عن زملائه ومختلفا عنهم من حيث القدرة الحسابية .هل يرجع هذا الضعف في الحساب إلى ضعف وراثي في القوى العقلية أم إلى الظروف البيئية كالمدرسة أو المنزل أم إلى طريقة المعلم في التدريس ، أم يرجع ذلك إلى غياب المتابعة والتوجيه في المدرسة والمنزل ، أم إلى ظروف اجتماعية واقتصادية سيئة ، أم أن الحالة النفسية والمزاجية لا تساعده على التقدم في هذا النوع من الدراسة ، كفقدان الرغبة والميل أو انعدام القدرة على المثابرة ، وهي سمة نفسية ضرورية لعملية التحصيل الدراسي ..الخ .
فقد يكون عجز التلميذ في المسائل الحسابية راجعا إلى هذا العامل أو ذاك ، وربما يكون راجعا إلى كل هذه العوامل الوراثية والبيئية والنفسية .
الوراثة والبيئة :
إن لكل من عوامل الوراثة وعوامل البيئة أثرها في الفروق الفردية فعامل الوراثة يكون اكثر وضوحا في الصفات الثابتة نسبيا عند الفرد ، والتي يولد بها ولا تتغير كثيرا طول حياته ،كطول القامة ولون الشعر والبشرة ، وكذلك الطاقة الانفعالية والمزاجية والذكاء .
وتظهر آثار العوامل الوراثية كلما زادت أواصر القربى بين الأفراد ، حيث يتشابه التوائم اكثر من الاخوة ، ويتشابه الاخوة اكثر من غيرهم في كثير من الصفات .
فالاستعدادات الفطرية الوراثية ، كالاستعداد للكلام أو لمرض جسمي أو نفسي ، لايمكن أن تظهر أو يتضح أثرها من دون عوامل البيئة ، مثلها كمثل الصورة الفوتوغرافية السالبة لا تظهر إلا بفعل أحماض كيماوية معينة . فالطفل الذي ينشأ بين الحيوانات يشب كالحيوان عاجزا عن الكلام بالرغم من انه يملك استعدادا وراثيا للكلام يميزه عن الحيوان ، ولابد له من بيئة إنسانية تحول هذا الاستعداد الفطري إلى قدرة فعلية للتعبير باللغة .
أما عوامل البيئة فتكون اكثر وضوحا في الصفات المكتسبة ، كالثقافة والتعليم واللغة، والصفات الخلقية والعادات والتقاليد التي يكتسبها الفرد من البيئة ،وهذه الصفات المكتسبة لايمكن أن تقوم إلا على أساس من الاستعدادات الوراثية ، فالرقص مثلا ما هو إلا تنظيم لحركات المشي ، وعادة الكلام لابد لها من أساس فطري وهكذا .
وقد أثبتت الدراسات النفسية والاجتماعية أهمية اثر البيئة المنزلية في تكوين الطابع المميز للفرد، وبالأخص في السنوات الأولى من حياته .ومن أهم العوامل المنزلية التي تؤدي إلى الفروق الفردية .الحالة الاقتصادية للأسرة ، ومدي تماسك الأسرة أو تفككها ، والمعاملة التي يلفاها الطفل من الأبوين والاخوة ،ومدى الاتفاق بين الآباء في معاملة الطفل واخوته، وما يقدمه الآباء للأبناء من وسائل تعليمية وما يحيطونهم به من جو ثقافي، أو ما قد يبديه أحد الآباء من شذوذ في السلوك كالانحراف أو إدمان الخمر وتعاطي المخدرات وغيرها .
كما أن للمدرسين آثارا هامة في تكوين فكرة الطفل عن نفسه وتكوين شخصيته ، ويتوقف تأثير المدرسين على التلاميذ إلى ما يشعرون به نحو مدرسيهم من تقدير واحترام.