فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سياسياً من الطراز الأول بعيد النظر في استقرار الواقع السياسي " داخل الجزيرة العربية وخارجها " ملماُ بالا نظمه السياسة القائمة من حوله ، متابعاً لأدق الأحداث الجارية ، حكيم التصرف في مواجهة المستجدات ، إلى غير ذلك من الملكات السياسية التي أعانته بفضل الله على إرساء قواعد دوله مسلمه مهيبة الجانب مكتملة الأركان .
ومن هنا نبدأ في عرض مفهوم السياسية :
لغة :
الحديث الشريف : " إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبى بعدى ... وسيكون خلفاء " رواه البخاري .
ساس يسوس سوس سياسة فهو سائس وهم ساسة
وساس الناس تولي رئاستهم وقيادتهم
وساس الأمور دبرها وقام بإصلاحها
اصطلاحاً :
ويقصد بها عادة الأمور التي تختص بها الأحزاب السياسية والمسائل المطروحة أمام رجال السياسة وكل ما يتعلق بالسلوك الانتخابي والتصويت ... الخ .
وقد تعددت تحديدات هذا المصطلح طبقاً لطبيعة كل مفكر ومجتمعه ومعظم التعريفات السائدة منقوله من الفكر الغربي الذي يلائم أوضاع تلك المجتمعات المستقرة سياسياً
فيعرفها البعض بأنها فن حكم الدول
ويشير نفس المصطلح عند آخر الي نشاط الجماعات المختلفة داخل المجتمع كالأحزاب السياسية والي نشاط السلطة السياسية ذاتها
وفي تعريف "مالك بن نبي" العمل المنظم الفعال الذي تقوم به الأمة ككل "الدولة والجماعات" المتفق مع أيديولوجية جمهورها لتحقيق التجانس والتعاون بين الدولة والأفراد علي الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لتكون السياسة مؤثرة في واقع الوطن .
من هنا نجد أن السياسية لها تعريفات كثيرة فهو طريقة ننظم بها شئوننا الاجتماعيه
وهى الوسائل التي يستطيع من خلالها بعض الأفراد والجماعات السيطرة على الوضع أكثر من الآخرين
وهناك سياسة الترابط حيث يتم ممارسة النفوذ في ميادين عسكريه فقط وميادين العمل التجاري وأدت هذه السياسات إلى ظهور المجتمع العالمي الترابط وهناك فرق واضحة بين السياستين.
بينما السياسة الدولية لا يمارسها أفراد بصفتهم الشخصية وإنما كممثلين عن الدول والأمم المختلفة .
وهناك سياسة "رسميه " حكوميه وهى السياسة المعلنة من جانب الحكومة القائمة وفقاً للقانون الأساسي أو الدستور ويوافق عليها البرلمان المنتخب من الشعب .
تعريف السياسة في الفكر الإسلامي ( السياسة الشرعية ) :
هي فن الممكن ضمن ثوابت الشريعة وهو ما قاله بن عقيل منذ سبعه قرون بلغة أخرى في قوله "السياسة ما يكون الناس معه أقرب إلي الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول ( r ) ولا نزل به وحي " . فإن أردت بقولك ( إلا ما وافق الشرع ) فصحيح . وإن أردت (إلا ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة . فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل والتمثيل ما لا يجحده عالم بالسنن .
ولم يكن تحريق عثمان للمصاحف إلا رأياً اعتمدوا فيه علي مصلحه الأمة
وتحريق علي رضي الله عنه الزنادقة في الأخاديد
ونفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه لنصر بن حجاج .
ويعلق بن القيم قائلا : والمقصود أن هذا وأمثاله سياسة جزئية بحسب المصلحة يختلف باختلاف الأزمنة فظنها من ظنها شرائع عامة لازمة للأمة الي يوم القيامة ولكل عذر وأجر . ومن اجتهد في طاعة الله ورسوله فهو دائر بين الأجر والأجرين وهذه السياسة التي ساسوا بها الأمة هي من تأويل القرآن والسنة.
ومنهم من عرفها –أى السياسة الشرعية :
علي أنها " فعل الشيء من الحاكم لمصلحة يراها وأن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي " ومفهوم ذلك أن يكون هذا الفعل داخلاً في إطار الشريعة وغير مصادم لها وتعتمد السياسة الشرعية علي أصول شرعية معتمدة منها .
- المصالح المرسلة ( التي تعتمد علي فقه الأولويات والموازنات )
- الاستقراء .
- العرف .
- المقاصد العامة للشريعة وروحها .
القواعد الفقهية .. مثل الأخذ بأيسر ما قبل المقصود هو رفع الحرج والتيسير
والسياسة جزء من منهج الإسلام في تنظيم الحياة ولا يمكن تصور عمل من الأعمال التي جاء بها الإسلام دون أن يخضع السياسة في تنفيذه والقيام به.
والسياسة الإسلامية كلها بمختلف فروعها وأنواعها تستقي من مصدري الإسلام الرئيسي ، القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة
ولها مراجع إلي جانب هذين المصدرين هي أعمال الصحابة رضي الله عنهم وبخاصة الخلفاء الراشدون ومن كان علي مستواهم في فقه الدين والعمل به
والنموذج المحتذى لهذه السياسة الإسلامية هو ما قام به الرسول ( r ) من أعمال عديدة وأقوال حكيمة يؤدي الأخذ بها جميعاً إلي أن يعيش المسلمون أمة واحدة تحسن عبادة الله وتمثل الخيرية التي وضعها الله فيها " كنتم خير أمة أخرجت للناس " .
وهناك العديد من المواقف في حياة الرسول ( r ) التي تعتبر جميعها مشاهد سياسية من حوار الخصوم وعقد اتفاقيات مع الأصدقاء والأعداء يبدو فيها ( r ) مفاوضاً سياسياً بعيد النظر سنقوم بعرضها فيما بعد