شاهد مسلسل تركي رائع

أفتى سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بحرمة النظر إلى المسلسلات التركية لما فيها من شر وبلاء وهدم للأخلاق ومحاربة للفضائل، ووصفها بالمسلسلات الإجرامية والخبيثة. نشرت هذه الفتوى في "الوطن" في العدد رقم (2858) الصادر يوم الأحد الموافق 24/7/1429، كما أكد سماحته أن اللجنة العلمية اطلعت على تفاصيل تلك المسلسلات وأجرت لها قراءة تفصيلية فاتضح جرمها وخبثها، وأشار إلى أن المحطات الفضائية التي تبثها إنما هي محاربة لله ولرسوله، لكونها مسلسلات انحلالية، يقوم على إعدادها متخصصون في الإجرام والضلال، ودعاة للشيطان من رجال ونساء. وتفاعلاً مع هذه الفتوى الشرعية الصادرة من مفتي البلاد السعودية وبتأييد من كبار علمائها بعد معرفة تفاصيل هذه المسلسلات وما يعرض فيها.
أقول: لقد استحوذت المسلسلات التركية المدبلجة التي تبثها بعض الفضائيات العربية في الآونة الأخيرة على اهتمام ومتابعة من متابعي القنوات الفضائية، ويرجع ذلك إلى عددٍ من الأسباب أهمها:
(1) ضعف الوازع الديني وغياب التوجيه الأسري والتربوي، وسيطرة الفراغ الوقتي والعاطفي مما أدى إلى إقبال كثيرٍ من الناس على مثل هذه المسلسلات التي تسهم في نشر القيم المخالفة للإسلام وإشاعة الفاحشة، و(الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب شديد في الدنيا والآخرة).
(2) أن هذه المسلسلات تعرض في قنوات عربية واسعة الانتشار، وقد يصفها البعض بأنها قنوات إسلامية، وقامت بدبلجة هذه المسلسلات إلى اللغة العربية وباللهجة السورية السهلة الاستيعاب، المحتوية على بعض الألفاظ العربية المميزة.
(3) قيام أبطال تلك المسلسلات -الذكور والإناث- بأدوار رومانسية خيالية وفوق الخيالية، من خلال قصص الحب ومواقف الغرام ولقطات الهيام، التي تتجدد في كل حلقة، ويتعطش لها الكثير من المشاهدين والمشاهدات، متخيلين أن الحياة الزوجية في عامة المجتمع التركي تتمتع بهذه الرومانسية!، والتي قد يفتقدها عامة مجتمعنا.
(4) يصاحب تلك المسلسلات إغراءات عاطفية، من خلال الكلمات العاطفية الرنانة التي تتشوق لها بعض النفوس ، ولبس الملابس الفاضحة التي تشد أنظار الضعفاء، وما يتخلل هذه الإغراءات من تبادل للقبل وضم وعناق، وخلوة على أسرة النوم بملابس شبه عارية.
(5) تناقش هذه المسلسلات في أغلب حلقاتها القضايا الاجتماعية والأسرية الواقعية في المجتمع التركي، وتعالجها بأسلوب يتناسب مع ذلك المجتمع، الذي يتميز ببعض العادات والتقاليد القريبة من عادات وتقاليد المجتمعات العربية.
لهذه الأسباب وغيرها زاد وله المشاهد العربي عموماً والسعودي على وجه الخصوص -رجالاً ونساء- بهذه المسلسلات، وأكد ذلك أن بعض القنوات والصحف الإعلامية العربية أظهرت أن أحد أبطال هذه المسلسلات أحدث أزمة في أغلب البيوت السعودية، وأظهرت السعوديات بأنهن ساذجات وواقعات في حب ذلك البطل، ونشرت بعض الصحف حالات طلاق ومشاكل أسرية حدثت في عدد من البيوت، ناهيك عن تأثيرها على الشباب والفتيات الذين أصبحوا يحملون ويتبادلون صور أبطال تلك المسلسلات، الذين استحوذوا على تفكيرهم وأحاديثهم وإعجابهم، وحظوا بالحديث عنهم في المجالس والاستراحات واللقاءات العائلية.
إن هذه الفتوى نداء من محبين وتوجيه من علماء صادقين لأولياء الأمور وعقلاء الأسر والبيوت بأن يدركوا خطر هذه المسلسلات على أفراد أسرهم، ويوصلوا إليهم الحكم الشرعي فيها، ويبينوا الأضرار الأسرية والأخلاقية المترتبة على النظر إليها، ثم يقوموا بتشفير تلك القنوات التي تبثها، ويتواصوا مع الأولياء والعقلاء من أقاربهم ومن في مجتمعهم بذلك.
كما أن هذه الفتوى بيان للحكم الشرعي وأسبابه وتنبيه للقائمين على تلك القنوات التي تبث هذه المسلسلات بأن يعيدوا النظر في بثها، ويتأملوا ما يترتب عليها من آثمٍ وأوزار تتزايد وتتراكم مع كثرة البث وكثرة المشاهدين، وأن يراعوا التعاليم الربانية ومقتضيات الفطر السليمة والقيم الاجتماعية والعادات العربية.
أخيراً: لقد أدرك علماؤنا خطر هذه المسلسلات على دين وأخلاق المجتمع المسلم، وقالوا كلمة الحق فيها، ووقعوا عن ربهم عز وجل، ونطقوا بالحكم الشرعي الذي يدينون الله به في هذه المسلسلات، والباقي علينا نحن المسلمين المأمورين بالرد الأمور إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإليهم إذا اختلفنا في الأحكام الشرعية، قال تعالى: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلً".
حمد عبدالله القميزي